قناة الجزيرة واسئلة مشروعة

منذ انطلاق الإعلام الحر وانعتاق الإعلام بشكل عام وتحرره من قيود الأنظمة استبشرنا خيرا وتأكدنا ان الإعلام سيخلو من شوائب التدخلات المقيتة والتوجهات العمياء التي لا تخدم الا الحاكم وأسرته وحاشيته , ولقد كان للمتغيرات الجديدة التي ظهرت أواخر الثمانيات دور كبير في تأكيد التوجهات الحرة لهذا الإعلام فقد ظهرت فكرة التعددية الحزبية والديمقراطية وحرية الرأي كأهم مؤشرات لهذا التوجه الجديد.ومع انطلاق فكرة سماء حر وفضائيات حرة تأكدنا انه لا مجال لنا الا الانسياق ق مع الفكر الجديد فالعالم أصبح قرية صغيرة وان ما يحدث بالأرجنتين يؤثر على المشاهد في الصومال وتنزانيا ولابد لنا كعرب وكأمة الا ان ندخل في خضم هذه المعركة حتى لايقال عنا متخلفين على المستوي الإعلامي وفعلا انطلقت التجربة على بركة الله مشمرين على سواعدنا ومتوجهين إلى العالم بقلب وعقل مفتوحين .وظهرت قناة الجزيرة القطرية ومقدمي البرامج بها وبدأت بالانتشار وأصبح يقال أنها قناة الموضوعية وقناة الرأي والرأي الاخر ثم قيل القناة التي تعبر عن هموم وانشغالات المواطن العربي وهي التي تنقل معاناته إلي أصقاع الدنيا دون تردد ودون كلل , لم يكن احد ينتظر منها هذه النجاحات إلي درجة ان الجميع وقف مذهولا والبعض متسائلا من هذه الجزيرة ومن قطر ومن يقف وراء هذه القصة الكبيرة؟ .ولعل الإعلام المصري كان أول المتسائلين هذاالاعلام الكبير والعتيد والقديم تساءل كيف تستطيع قناة صغيرة بدولة اصغر ان تلعب هذا الدور الخطير وان تسرق كل الأضواء منه ولعل التصريح الأخير لساركوزي حول الجزيرة أكد على ذلك الدور ليس المحلي فقط بل الإقليمي والدولي حيث قال ان العالم لا يوجد به إعلام سوى السي ان ان وقناة الجزيرة متسائلا بنفس الوقت أين الإعلام الفرنسي العتيد ؟ إذن القناة سرقت الأضواء من الجميع لدورها في تغطية الأحداث المهمة والمؤثرة في العالم والحرفية الكبيرة لمذيعيها فعظمهم من خريجي المدرسة الانجليزية ال بي بي سي .وتعرضت الجزيرة لانتقادات عديدة وكبيرة من الجميع وكأنها مستهدفة ورغم ذلك فكل الذين انتقدوها قاموا بالثناء عليها واستطاعت ان تستقطب العديد من المفكرين والأدباء والعلماء ولعل أهمهم القرضاوي ومحمد هيكل وغيرهم الكثيرون عطوان وزعتير وعلوش واخيرا بشارة , واستضافت عبر برامجها الحوارية كل اقطاب وصانعي السياسة من عرب واوروبين وامريكان واسرائليين , فالبرامج الحوارية تمتعك وانت تشاهد وتسمع الفضائح و الحقائق والارقام المخيفة عن الواقع العربي وما وصلت اليه الامور ببعض الدول العربية وانت لا تملك الا ان تحترم بهذه( القناة المصداقية والموضوعية والراي والراي الاخر) .وفي لحظات كثيرة كان يتبادر الى ذهني اسئلة عديدة عن هذه القناة من الذي يقف ورائها من اين تمول ما هي اهدافها وهل قطر هذه الدولة الصغيرة لديها القدرات لان تكون فاعلا رئيسيا بالعلاقات الدولية او الاقلمية لتملك هذه القناة وتمولها بقيت هذه الاسئلة عالقة واعتقد ان معي الكثيرون يريدون اجابات واضحة ومقنعة .بعد فترة بدات تتضح عندي بعض الملامح عن هذا الكيان ( الجزيرة ) وقد نشبت خلافات حولها تقريبا او بسببها بين جميع الدول العربية وصلت في بعض الاحيان الى قطع العلاقات وسحب السفراء والى اغلاق مكاتبها , واخيرا تم الكشف عن وثائق عبر مجلة بريطانية مفادها ان بوش كان يخطط لضربها تصوروا اصبحت تشكل خطرا كبيرا على الامن القومي للولايات المتحدة مثل القاعدة لهذا قرر بوش ضربها .فهي من جهة تعمل ضد اسرائيل والولايات المتحدة ومن جهة اخرى تقوم بتخريب وافساد العلاقات العربية العربية وهذا لا يعني ان هذه العلاقات على مايرام واتت الجزيرة وخربتها ولكنها كانت دائما تصب الزيت على النار .فالعاقل يحتارفي تصنيفها هل هي ضمن المشروع الامريكي الاسرائيلي او ضمن المشروع المقابل والذي تقوده الان ايران وقطر في بعض الاحيان ؟ والطبيعي ان تكون ضمن المشروع الثاني ولكنكيف لقناة ولدولة تحميها قواعد امريكية تريد ان تقود مشروع المقاومة والممانعة كيف لقناة ورائها اكبر قاعدة امريكية تحاول ان تقنعنا انها تعمل ضد المشروع الاسرائيلي وتريد ان توجه الرأي العام العربي نحو قضايا الامة المصيرية قضية فلسطين والعراق والتنمية والحرية والديمقراطية ؟ .لقد اخبرني استاذي مرة ان ا ليهود يسبقون الفكرة بالعمل وعندما تتحدث عن أي موضوع في العالم يكونون هم في الطليعة فلو تحدثت عن الاشتراكية لوجدت اليهود على رأس الأحزاب الاشتراكية في العالم , وحقوق الإنسان تجد اليهود على رأس هذه المنظمات , فلو تحدثنا عن الإعلام سنجد ان اليهود ليسوا بعيدين عن القضية وهم على راس المؤسسات الإعلامية بالعالم فهل هم على قمة هرم قناة الجزيرة ؟وان كل الخلافات التي تحدثوا عنها بين اسرائيل والقناة وهمية ولا اساس لها من الصحة وليقنعوا المشاهد بمصداقية القناة وتتبنيها لقضاياه .ثم يتضح ان هناك شراكة بين اسرائيل والقناة وأن الإسرائيليون يملكون أكثر من نصفها , وهناك علاقات تجارية مميزة بين قطر وإسرائيل . وفي الأخير أدرك المشاهد العربي هذه الحقائق ويدرك ان الموضوعية بالإعلام لا ان تقول رأيك وان تحاول ان تصطف مع جهة ضد جهة اخرى كما تحاول القناة ان تعمل , ولكن الإعلام الموضوعي هو ان تنقل الحقيقة كما هي وتترك للمشاهد الحرية في تحديد رأيه دون التأثير عليه .